مغاربة السودان يستنجدون بالملك لإجلائهم.. وسفارة المغرب في الخرطوم تؤكد لـ "الصحيفة": المغاربة بخير والقرار بيد خلية الأزمة في الرباط

دفع احتدام المعارك في السودان، بين الجيش وقوات الدعم السريع بمحيط القصر الرئاسي والقيادة العامة للجيش رغم الهدنة المعلنة بين الطرفين والتي كان مفترضا أن تستمر أول 3 أيام من عيد الفطر، حكومات عدد من دول المعمور إلى إجلاء مواطنيها من الخرطوم، وذلك تزامنا مع تصاعد مخاوف مواطنين مغاربة مقيمين بالبلد لا يزال مصيرهم مجهولا حتى الآن.

ويشتكي مغاربة السودان ممّن تواصلت معهم "الصحيفة"، من تدهور أوضاعهم في ظل انقطاع الإمداد الغذائي والدوائي بسبب إغلاق المحلات والأسواق جرّاء استمرار القصف على الرغم من الهدنة المُعلنة بين الطرفين المتناحرين، ما يُنذر بـ "تفاقم الأوضاع أكثر ويجعل أمنهم وسلامتهم وأسرهم محدّدة حتى الآن" بحسب ما أكدته واحدة من المغربيات المقيمات في الخرطوم.

وفي حديثها لـ "الصحيفة"، أكّدت مليكة المتزوجة في السودان والمقيمة منذ عشر سنوات في العاصمة الخرطوم، أن مغاربة السودان في حالة رعب وفزع حقيقي بسبب الاشتباكات الحاصلة بين قوات الدعم السريع والقيادة العامة للجيش، مشدّدة على أن هذا الوضع "غير مألوف أبدا بالنسبة لهم.

وأكدت المغربية المقيمة بمنطقة أم درمان، أن الأوضاع جد مأساوية، في ظل انقطاع الماء والكهرباء والمؤونة الغذائية، وكذا الدواء، مشيرة إلى أن أي حديث عن الهدنة الإنسانية تحت مبرر تسهيل حركة المواطنين والمقيمين،"هي محض إشاعة وكذب وبهتان"، مضيفة: "للأسف، ما نعيشه أكبر منا، ولم نعشه من قبل، فنكاد لا نسمع أصوات بعضنا البعض في المنزل ذاته جرّاء دوي الانفجارات، ونعيش رعبا حقيقيا نحن وأبنائنا لم نعشه من قبل".

واستنجدت المتحدّثة باسم مغاربة السودان في تصريحها لـ "الصحيفة" بالملك محمد السادس للتدخل وحث المسؤولين المغاربة، على ضرورة التحرك في اتجاه إجلائهم إلى بلدهم على غرار عدد من الدول العربية وكذا الأجنبية التي اتخذت قرار ترتيب إجلاء رعاياها "خاصة وأن الأطراف المتناحرة لم تحترم هدنة 72 ساعة فكيف لها أن تحترم حياة الأجانب فوق أراضيها؟" تتساءل المتحدثة مؤكدة أن سلامتها وأسرتها ومغاربة السودان على المحك.

ولفتت المتحدّثة إلى أنه لا توجد رحلات مباشرة بين الخرطوم والمغرب، وهو ما يستدعي تدخّل وزارة الخارجية والسلطات المغربية لتخصيص رحلات استثنائية مباشرة تنقذهم من المأساة الكبيرة التي يكابدونها منذ أيام، بتنسيق مع السلطات السودانية التي أغلقت المطارات وأوقفت حركة الجولان الجوي بسبب استمرار القصف.

من جانبها، تواصلت "الصحيفة"، مع سفارة المغرب بالخرطوم بهذا الخصوص، لتبيّن ما إذا كانت قد سجّلت إصابات أو وفيات في صفوف مغاربة السودان، وحول إمكانية إجلاء المغاربة المقيمين أو الوافدين على البلد قريبا.

ونفت مصادر دبلوماسية في السفارة المغربية، تسجيل أي إصابة أو وفاة في صفوف المغاربة المقيمين في البلد الذي يتكبّد ويلات الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش، حتى صبيحة اليوم السبت.

وفي ردها على سؤال لـ "الصحيفة" حول إمكانية إجلاء مغاربة السودان على غرار عدد من الدول بما فيها العربية من البلد، شدّدت المصادر ذاتها على أن خلية الأزمة التابعة لوزارة الخارجية والمتواجدة حاليا في العاصمة الرباط تتابع عن كثب ما يحدث في السودان، ووحدها ستُقرر موعد إجلاء المواطنين من عدمه، وذلك بناء على تطور الأحداث.

وشدّد المصدر الدبلوماسي في حديثه، على أن سلامة رعايا المملكة لما فيهم المواطنين المقيمية والبعثات تحظى بأولوية خاصة لدى المصالح الدبلوماسية "وفي حالة قررت خلية الأزمة إجلاء المغاربة سنتواصل في هذه الحالة مع الجيش السوداني لتيسير الأمر، وستعلن الوزارة الوصية عن الأمر بصفة رسمية".

من جانبها، أعلنت السعودية، اليوم السبت، بدء ترتيب إجلاء مواطنيها ورعايا "دول شقيقة وصديقة" من السودان إلى المملكة السعودية دون أن تُحدد هوية هذه البلدان المعنية.

وجاء في بيان للخارجية السعودية، أنه تزامنا مع استمرار الاشتباكات المسلحة في السودان رغم هدنة إنسانية معلنة بين الجيش والدعم السريع، سيتم "بدء ترتيب إجلاء المواطنين السعوديين وعدد من رعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان إلى المملكة".

وأشارت إلى أن هذه الخطوة تأتي "إنفاذاً لتوجيهات العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء".

من جانبه، أعلن الجيش السوداني في بيان، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: تلقى القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان اتصالات من رؤساء عدد من الدول لطلب تسهيل وضمان تأمين إجلاء رعاياها وبعثاتها الدبلوماسية من البلاد، وقد وافق سيادته على تقديم المساعدة اللازمة لتأمين ذلك لمختلف الدول.

وتابع بيان القوات المسلحة السودانية: وينتظر أن تبدأ عملية إجلاء كل البعثات التي تطلب دولها ذلك خلال الساعات القادمة، حيث ستقوم كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين بإخلاء دبلوماسييها ورعاياها جوا بطائرات نقل عسكري تتبع لقواتها المسلحة من الخرطوم ويتوقع الشروع في ذلك فورا.

ولفت البيان إلى أنه جرى في وقت سابق إجلاء البعثة السعودية برا إلى بورتسودان ومنها جوا إلى المملكة العربية السعودية، كما سيتم تأمين مغادرة البعثة الأردنية في وقت لاحق بنفس الأسلوب.